شارع “هاسوليل” من الشوارع الهامة في القطاع اليهودي من مدينة القدس*وفيه يقع مبنى صحيفة “البالستالين بوست” الناطقة باسم الوكالة اليهودية*، وكانت الصحيفة الوحيدة التي تصدر في فلسطين باللغة الانكليزية.
في تمام الساعة 10:40 من مساء 1/2/1948 دوى انفجار قوي في هذا الشارع ادى إلى تهديم ثمانية مبان ضخمة منها مبنى الصحيفة المذكورة، كما أصيب حوالي 44 منزلا بأضرار جسيمة بالاضافة إلى تحطم زجاج النوافذ في عدد كبير من أبنية الشوارع المجاورة مثل شارع “بن يهودا” وشارع الملك جورج. وقتل وجرح من جراء هذا الانفجار عدد كبير من سكان الحي، ونزح الكثيرون بعد أن أصيبوا بالذعر الشديد. كما دمرت مكاتب بعض وكالات الأنباء وظلت النيران مشتعلة فيها وفي غيرها من المباني طوال 72 ساعة رغم مساهمة مختلف وحدات الاطفاء الموجودة لدى الصهيونيين والبريطانيين في اخمادها. وقد قدرت الخسائر آنذاك بحوالي نصف مليون جنيه فلسطيني.
كان المناضل عبد القادر الحسيني* قائد جيش الجهاد المقدس* هو الذي وضع خطة التنفيذ، وتعاون شخصياً مع فوزي القطب قائد فرقة التدمير العربية* في تجهيز الشحنة المتفجرة التي وضعت داخل عربات نقل تحمل شعار الشرطة الفلسطينية. وكان قد تم الاستيلاء عليها من مرأب شرطة القدس.
تحركت هذه القافلة، وكان على رأسها سيارة صغيرة مهمتها استطلاع الطريق وتسهيل مرور السيارات، في الساعة 10:00 من مساء 1/2/1948 منطقة من مقر الجهاد المقدس في بيرزيت* ومتجهة نحو مدينة القدس. واستطاعت المرور عبر مخافر التفايش بسهولة لوجود بريطاني فيها كان قد وضع نفسه تحت تصرف المناضلين العرب انتقاماً من الصهيونيين لقتلهم شقيقه.
دخلت القافلة شارع الأنبياء فافترقت عنها السيارة الصغيرة وفق الخطة الموضوعة وتابعت العربات الأخرى طريقها نحو شارع “هاسوليل”. وتوقفت قرب مبنى صحيفة “البالستالين بوست” فغادرها المناضلون بعد أن أشعلوا فتائل التفجير. وتوجهوا إلى نقطة محددة كانت قد سبقتهم إليها السيارة الصغيرة بعد أن قامت بالتفاف واسع عبر عدة شوارع فصعدوا إليها وغادروا الشارع في الوقت الذي دوى فيه الانفجار القوي.
ترك نجاح هذه العملية التي أحسن التخطيط لها أثراً عميقاً في نفوس القادة الصهيونيين للخسائر الكبيرة التي نجمت عنها وللضياع الصحيفة الصهيونية الوحيدة الناطقة باللغة الانكليزية من أيديهم.
المراجع:
- عارف العارف: النكبة، ج1، بيروت 1956.
- حسن البدري: الحرب في أرض السلام، القاهرة 1976.