مؤتمر عقده في لندن المجلس الأعلى للخلفاء (بريطانيا وفرنسا وايطاليا والولايات المتحدة الأمريكية) لبحث شروط الصلح وإبرام معاهدة سلام مع تركيا المهزومة في الحرب العالمية الأولى، لأن مؤتمر الصلح في باريس (1919) أتم عقد معاهدات سلام مع الدول الأخرى المهزومة وضع ميثاق عصبة الأمم*، ولكنه لم يبحث في معاهدة للسلام مع تركيا وامبراطوريتها العثمانية.
انعقد مؤتمر لندن في 13/2 1920 في جو نبذت فيه دول الحلفاء عهد عصبة الأمم جانباً وتناست وعودها التي قطعتها على نفسها قبل الحرب وأثناءها بتحرير الشعوب والاعتراف بحقها في تقرير مصيرها. وعلى نقيض ذلك سارت في المؤتمر على سياسة توزع العالم حسب اتفاقية سايكس – بيكو* لعام 1916 وبحثت في حصة كل واحدة منها في الغنيمة. وانفض المؤتمر في 3/3/1920 تاركاً تكملة التوزيع وتفصيله إلى لجنة فرعية برئاسة اللورد “كيرزون” وزير خارجية بريطانيا.
عقدت اللجنة خمسين جلسة، وأنهت أعمالها بوضع معاهدة فرضها الحلفاء على تركيا باسم معاهدة سيفر. وقد شملت المعاهدة المنطقة العربية الواقعة بين البحر المتوسط غرباً والحدود الإيرانية شرقاً، لأنها كانت جزءاً من الامبراطورية العثمانية.
قسمت معاهدة سيفر هذه المنطقة العربية إلى عدة أجزاء، وكانت من قبل جزءاً وحداً، فقد قسمت سورية إلى فلسطين وشرقي الأردن في الجنوب ووضعا تحت الانتداب البريطاني، وإلى لبنان وما تبقى من سورية في الشمال ووضعا تحت الانتداب الفرنسي. وأما العراق فوضع تحت الانتداب البريطاني وظل واحداً على الرغم من أن اتفاقية سايكس – بيكو رسمت تقسيمه.
وقد خصصت الفقرتان 94 و95 من معاهدة سيفر للحديث عن المنطقة العربية، وتناولت الفقرة 94 الأوضاع في العراق وسورية فأوضحت أنهما تعدان بموجب المادة 22 من عهد عصبة الأمم دولتين مستقلتين لا تحتاجان إلا إلى مساعدة وارشاد من دولة منتدبة زمناً محدوداً يتم بعده الاستغناء عنها.
أما الفقرة 95 فخصصت لفلسطين التي كانت جزءاً من سورية وسلخت عنها، وقد نصت هذه الفقرة على “أن الفرقاء المتعاهدين (دول الحلفاء) متفقون على وضع فلسطين وحسب عهد عصبة الأمم تحت انتداب دولة ينتخبونها. وهذه الدولة المنتدبة تكون مسؤولة عن وضع الوعد الذي أعطته الحكومة البريطانية في 2/11/1917 ووافقت عليه دول الحلفاء موضع التنفيذ، وهو السعي لإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين مع الفهم الواضح بأن لا يسبب هذا ما يضر بالمصالح الدينية أو المدنية لأهالي فلسطين من غير اليهود”. ثم أدرج في الفقرة 95، بعد هذا، النص الحرفي لوعد بلفور*. وكان ذلك مناقضاً للمادة 22 من عهد عصبة الأمم التي تعد فلسطين جزءاً من سورية، وهي مثلها بحاجة إلى مساعدة وإرشاد مؤقتين من دولة منتدبة، ومناقضاً أيضاً لمراسلات الحسين – مكماهون* وجميع تصريحات الحلفاء ووعودهم بالتحرير تقرير المصير التي صدرت عنهم من قبل.
وأكمل مؤتمر سان ريمو* في السنة نفسها ما بدأه مؤتمر لندن.