لم تتوان فيتنام بشطريها الشمالي والجنوبي وفي مراحل نضالها التحريري عن التعاطف والتعاون مع حركات التحرر الوطني في مناطق العالم المختلفة. وقد كانت منظمة التحرير الفلسطينية* بمختلف فصائلها في مقدمة هذه الحركات التي تبادلت مع فيتنام الدعم والتأييد في معركة التحرير المشتركة.
ويرجع تاريخ هذا الدعم والتأييد المتبادلين إلى عام 1954 حين أعلن استقلال جمهورية فيتنام الديمقراطية برئاسة هوشي منه في شمال البلاد. وأما في الجنوب فقد ظهر تبادل الدعم والتأييد منذ بعد الإطاحة بحكومة “نغودين دييم” الموالية للولايات المتحدة عام 1963 واتساع سلطة “الحكومة الثورية المؤقتة لجنوب فيتنام” المنبثقة عن جبهة التحرير الوطني في حزيران من عام 1969 بعد أن أحكمت سيطرتها على جنوبي البلاد عام 1975 ممهدة بذلك السبيل إلى توحيد شطري البلاد في شهر تموز عام 1976 تحت اسم جمهورية فيتنام الاشتراكية. وقد تم في 29/4/1974 تقديم أوراق اعتماد أول ممثل مقيم لمنظمة التحرير الفلسطينية في فيتنام إلى الرئيس “نيغوين هوتهو” في حين كان القتال محتدماً في جنوبي البلاد رغم التوقيع على معاهدة السلام بتاريخ 27/1/1973. وكانت فيتنام قبل ذلك، وخلال سنوات النضال، تتابع ادانات الثوار الفيتناميين لسياسة (إسرائيل) العدوانية في احتلالها للأراضي الفلسطينية والعربية، وفي استمرار انكارها حقوق الشعب العربي الفلسطيني، واعتداءاتها المتكررة على الأقطار العربية، وتوسعها المستمر على حسابها. كما أن فيتنام تبادلت التعاون النضالي مع منظمة التحرير الفلسطينية منذ أواسط الستينات. ففي حين درب ثوار فيتنام بعض عناصر المقاومة شارك الفلسطينيون الفيتناميين النضال ضد الأمريكين وبالمقابل قام موشي دايان الوزير الإسرائيلي المعروف بالمشاركة إلى جانب الأمريكيين في قتال الفيتناميين. ومنذ بداية حرب 1973* أصدرت وزارة خارجية الحكومة الثورية المؤقتة لجنوب فيتنام بياناً أكدت فيه موقفها المبدئي المذكور. وفي 11/10/1973 أذاعت بيانا آخر جاء فيه: “إن حكومة والشعب الفيتنامي يقدمان مساندتهما التامة للشعب العربي الذي يكافح من أجل تحرير الأراضي التي يحتلها الغزاة الإسرائيليون أدوات الامبريالية الأمريكية في الشرق الأوسط بصفة غير مشروعة”.
وبعد انتهاء الحرب الفيتنامية عام 1975 وتوحيد فيتنام بشطريها وقيام جمهورية فيتنام الاشتراكية لم يفتر الدعم والتأييد الفيتناميان لكفاح الشعب العربي الفلسطيني. وقد تجلى ذلك بوضوح في خطاب “نغوين دوي ترينه” نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية الفيتنامي. أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 3/10/1978، وفي البيان الصحافي الصادر عن مباحثات الوفدين الفيتنامي والفلسطيني بتاريخ 4/10/1978، فقد استنكر الجانبان الاتفاقيات الناجمة عن مؤتمر كامب ديفيد* التي “تستهدف تصفية جوهر القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني”، وكذلك برقية التهنئة التي بعث بها “فام فان دونغ” رئيس الوزراء الفيتنامي إلى رئيس منظمة التحرير الفلسطينية بتاريخ 29/12/1978 بمناسبة الذكرى السنوية للثورة الفلسطينية.
وفي مطلع شهر نيسان 1979، وبعد أن وقع الرئيس السادات معاهدة الصلح مع العدو الإسرائيلي، سارعت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الفيتنامي إلى الاعراب عن أن فيتنام الاشتراكية، حزباً وحكومة وشعباً “تشارك الشعب العربي والقوى التقدمية العالمية ادانتها الحازمة لهذه المعاهدة الاستسلامية المنفردة”، وتعتبر “أنها تجاهلت المسائل الأساسية والجوهرية، وأن السلام العادل والدائم في المنطقة لا يقوم إلا بانسحاب القوات الإسرائيلية من جميع الأراضي العربية المحتلة، وباستعادة الحقوق الوطنية المشروعة للشعب العربي الفلسطيني بما فيها حقه في العودة وإقامة دولته المستقلة فوق أرضه ووطنه”. بالإضافة إلى ذلك تجدر الإشارة إلى المساعدات العسكرية التي قدمتها، وتقدمها، فيتنام للثورة الفلسطينية، سواء من جهة المعدات أو من جهة التدريب والتأهيل العسكريين للكوادر الفلسطينية المقاتلة .