أ- الندوة الأولى (1965): انعقدت في القاهرة، “ندوة فلسطين العالمية الأولى” التي نظمها الاتحاد العام لطلبة فلسطين* من 30/3 إلى 6/4/1965 في قاعة الاحتفالات الكبرى بجامعة القاهرة.
شاركت في هذه الندوة وفود من 108 دول. ومن أبرز الشخصيات الأجنبية التي اشتركت أنتوني ناتنغ وأرسكين تشايلدرز وايثيل مانين (من بريطانيا)، ومكسيم رودنسون وكلود أسيتيه وجان لاكوتور (من فرنسا)، وتشارلز فافر (من سويسرا)، ود. قريشي (من الباكستان)، وأدهم خالد (من أندونيسيا)، وباهرات سانغ وكريشا مينون وكرانجيا (من الهند)، وفورمان يوفوف وروبرت ودرسون (من الولايات المتحدة)، وموريس كروجر وكلوس فيشر (من ألمانيا الديمقراطية)، فضلاً عن مجموعة من المفكرين العرب منهم فلسطينيون. وقد اعتذر كل من جان بول سارتر (من فرنسا) وأرنولد توينبي (من انكلترا) عن المشاركة.
طرحت في هذه الندوة عدة دراسات هي: القضية الفلسطينية حتى عام 1948 (برهان الدجاني)، ولأقلية العربية في فلسطين المحتلة (خيري حماد)، و(إسرائيل) وهيئة الأمم المتحدة (سيد نوفل)، ودور (إسرائيل) في أفريقيا (المهدي بن بركة)، وعروبة أرض فلسطين (حسن التريكي)، وقضية فلسطين (تيسير قبعة).
انتهت الندوة بيان مشترك قال في صدد الصهيونية:
1) إن الصهيونية العالمية حركة عنصرية تقوم على تجريد عرب فلسطين من أملاكهم والتفرقة بين عرب فلسطين والتفرقة في داخل المجتمع اليهودي نفسه.
2) إن الصهيونية حركة لا أخلاقية يتجاهلها التام لحقوق العرب، وبالفظائع الوحشية التي ارتكبها ضدهم.
3) إن الصهيونية حركة هدامة.
4) إن الصهيونية نهاية لليهود أنفسهم.
5) الحل الوحيد للمشكلة اليهودية في العالم هو من خلال الحكومات الديمقراطية التحررية التي تمنح كل المواطنين حقوقاً متساوية.
6) الحركة الصهيونية شوهت الوجود اليهودي.
7) نضال العرب ضد الصهيونية لا ينبع من أي حقد ديني أو عنصري على اليهود.
وبشأن (إسرائيل) قالت الندوة:
1) إن (إسرائيل) قامت على الادعاءات الزائفة والمظالم والتناقضات والتشويه والجشع.
2) إن (إسرائيل) عدوان على وحدة الأراضي العربية الفلسطينية.
3) إن وجود (إسرائيل) بحد ذاته عدوان على الشعب العربي الفلسطيني وحقوقه الطبيعية والإنسانية، وعلى وحدة الأراضي العربية الفلسطينية.
4) أصبحت (إسرائيل) أداة طيعة وسوطاً في يد الاستعمار، وأداة من أدوات الامبريالية في آسيا وأفريقيا.
5) إن (إسرائيل) دولة توسعية.
6) إن (إسرائيل) تشكل حاجزاً جغرافياً في قلب العالم العربي.
7) تستخدم (إسرائيل) كل الخبرات التي حصلت عليها في أسلوب الهدم لإثارة الفتنة والشقاق في الجماعات العربية.
8) تسجل الندوة في فزع كبير الاندفاع الإسرائيلي من أجل الحصول على أسلحة ذرية.
وأما بخصوص عرب فلسطين وحقوقهم فقد قال بيان الندوة:
1) إن الفلسطينيين هم ملاك فلسطين وأصحابها الشرعيون.
2) إن تبرير قيام دولة (إسرائيل) ينبثق من قرار الأمم المتحدة التي اتخذ تحت ضغط ومناورات الدول الاستعمارية.
وأشار بيان الندوة إلى أن قضية فلسطين قضية عادلة من قضايا التحرر، وإلى أن الاستعمار والصهيونية لم يستطيعا الوصول إلى أغراضهما في فلسطين إلا لأن الوطن العربي كان منقسماً إلى دول مختلفة معظمها تسيطر عليه قوى مماثلة للغرب. ويجب أن يعود إلى فلسطين فوراً حقها في توحيد أراضيها عن طريق إعادة فلسطين كلها إلى عرب فلسطين. وأوصت الندوة في بيانها بتكوين لجنة دولية للاًعلام والتضامن مع عرب فلسطين. وأكدت قرارات المنظمات الأفريقية – الآسيوية والدولية في إعلانها اعتبار 15 أيار من كل عام يوم التضامن مع الشعب الفلسطييني.
ب- الندوة الثانية (1970): نظم هذه الندوة أيضاً الاتحاد العام لطلبة فلسطين على ضوء النجاح الذي حققته ندوة فلسطين العالمية الأولى. وقد انعقدت الندوة في عمان من 2 إلى 6/9/1970. واتخذت لنفسها الحرفZ شعاراً، وهو الحرف الأول من اسم زيفوس في الأسطورة اليونانية المعروفة. وكانت القوى التقدمية في اليونان ترفع هذا الحرف شعاراً لها ضد الفاشية. وقد اقتبسه الاتحاد ليعني به أن شعب فلسطين ما يزال حياً، وليربط بين النضال ضد الصهيونية والنضال ضد الفاشية.
أما اختيار يوم 2 أيلول لافتتاح الندوة، وهو اليوم الوطني لفيتنام، فقد كان لتأكيد التلاحم بين النضال الفلسطيني والنضال الفيتنامي.
وقد توخت الندوة بشكل أساسي دعم الثورة الفلسطينية وإعلان التضامن معها في مواجهتها للأخطار المحدقة بها، بالإضافة اإى توضيح الأهداف العادلة للنضال الفلسطيني، وإقناع قطاعات واسعة من الرأي العام العالمي بشرعية هذا النضال وكسب المزيد من تأييد القوى التقدمية والديمقراطية في العالم للثورة الفلسطينية وإبراز الوجه التقدمي لها باعتبارها جزءاً من حركات التحرر العالمية.
وقد شارك في هذه الندوة 67 وفدا يمثلون اتحادات طلابية وحركات تحرير وأحزابا عالمية، ولا سيما حركات التحرر الوطنية والقوى التقدمية في العالم الثالث.
افتتحت الندوة أعمالها في جو بالغ التوتر بسبب الاشتباكات التي حدثت قبل وأثناء انعقاد الندوة بين الجيش الأردني ورجال المقاومة الفلسطينية في مناطق متعددة من الأردن.
افتتح الندوة ياسر عرفات رئيس الللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية* بكلمة كانت في أغلبها للحديث عن الاشتباكات التي بدأت في اليوم السابق، وندد في خطابه بمشروع روجرز* وقال:
“إن ما يجري هو محاولة فاشلة لإرجاع التاريخ إلى الوراء وخنق الثورة، ولكننا سننتصر على الامبريالية والعدو الصهيوني”.
ثم ألقى ممثل الاتحاد العام لطلبة فلسطين كلمة الاتحاد، وأكد فيها التحام الثورة الفلسطينية بالجماهير العربية وحركات التحرر العالمية.
وفي اليوم التالي (3 أيلول) واصلت الندوة أعمالها في جو مفعم بالحماسة فألقى عدد كبير من ممثلي الأحزاب والقوى التقدمية واتحادات الطلاب العالمية كلماتهم وهم ممثلو جبهة التحرير الأرتيرية، وحركة التحرير الوطني الأثيوبي، وجبهة تحرير الخليج العربي المحتل، والقوى التقدمية العربية، واتحاد العمال الثوري للسود في الولايات المتحدة، والحزب الشيوعي الكوبي، والشبيبة الحرة في بريطانيا (واتحاد شعوب أفريقيا (زابو)، وحركة تحرير موزامبيق، وحركة تحرير جنوب غرب أفريقيا، والقوى التقدمية في المغرب العربي) واتحاد الطلاب العالمي، ولجان فلسطين في ايطاليا، ولجنة نصرة شعب فلسطين في فرنسا، والاتحاد الوطني للطلبة الفرنسيين.
وكان في كلمات المتحدثين اجماع على دعم ومساندة الثورة الفلسطينية والكفاح الفلسطيني المسلح، وشجب ورفض لجميع الحلول الاستسلامية والتصفوية للقضية الفلسطينية، ولا سيما مشروع روجرز، واستنكار للاعتداءات التي تتعرض لها المقاومة في الأردن. وألقى أحد قادة فتح* في اليوم نفسه محاضرة عن الصهيونية وارتباطها بالرأسمالية اليهودية والاستعمار الأمريكي.
واصلت الندوة أعمالها في اليوم الرابع من أيلول فتحدث عدد آخر من ممثلي الوفود المشاركة، وهم ممثلو اتحاد طلبة فيتنام الشعبية الديمقراطية، واتحاد طلبة فيتنام الجنوبية، وجبهة التحرير الوطني الجزائري، وممثل الاتحاد الوطني لطلبة المغرب الذي قدم عددا من الاقتراحات من بينها قيام جبهة عربية شعبية من القوى التقدمية لمساندة الثورة الفلسطينية وتشكيل لجنة خاصة من الوفود المشاركة لشرح القضية الفلسطينية على مستوى عالمي لتعزيز الكفاح الفلسطيني وقيام جبهة عربية لتوحيد الطاقات النضالية للطلاب.
كما تحدثت فتاة يهودية من بلجيكا فأعلنت إيمانها بأن اليهودية دين فقط، وبأن الثورة الفلسطينية ستحرر اليهود من أخطبوط الصهيونية وعقدة ازدواجية الولاء. ثم تلبت برقيات تأييد وجهتها اتحادات طلابية عربية وأفريقية.
وفي اليوم التالي (5 أيلول) تحدث مفكران فلسطينيان فتناول الأول الحلول السلمية الممكنة للقضية الفلسطينية والثاني الدولة الديمقراطية حلاً جذرياً للمسألة الفلسطينية. وقد تتابع المتحدثون مجمعين على رفض الحلول الاستسلامية وتأييد فكرة الدولة الديمقراطية.
وكانت الجلسة الختامية في اليوم السادس من أيلول. وقد تحدث فيها رئيس وفد التضامن العربي – الفرنسي في باريس، ومندوب الاتحاد الديمقراطي للشبيبة العالمية، ورئيس المؤتمر المسيحي العالمي.
ثم ألقى رئيس اللجنة التنفيذية للاتحاد العام لطلبة فلسطين كلمة شكر فيها المشاركون في الندوة وأكد عدداً من المبادىء من بينها إقامة الدولة الديمقراطية في فلسطين، ورفض الثورة الفلسطينية للاستعمار والامبريالية، وتصميمها على تصفية مصالحهما في المنطقة، ورفض الثورة الفلسطينية لقرار مجلس الأمن 242* ولمشروع روجرز، وتصميم الشعب الفلسطيني على مواصلة الكفاح المسلح.
ثم تلي البيان الختامي للندوة، وأهم ما ورد فيه بايجاز:
تعلن الندوة أن الصهيونية حركة عنصرية ترمي إلى طرد الشعب الفلسطيني من أرضه، وتقرر الندوة بالإجماع أن طبيعة (إسرائيل) العنصرية الاستعمارية هي التي تسبب الحروب في المنطقة وتهدد السلام العالمي، وأن الصهيونية هي أداة للإمبريالية الأمريكية.
وأشاد المؤتمرون بالكفاح البطولي الذي يخوضه الشعب الفلسطيني والشعوب العربية من أجل التحرر من الاستعمار والامبريالية الأمريكية وأعلنوا رفضهم القاطع لقرار مجلس الأمن 242، وذلك:
1) لأنه بمنزلة إيجاد حل وسط بين حق مطلق واغتصاب حق.
2) لأنه يعني التقهقر أمام انتصار الصهيونية والامبريالية.
3) لأنه يركز الاهتمام على احتلال 1967 ويبرر الاغتصاب في عام 1948.
4) لأنه يتضمن الاعتراف بسيادة (إسرائيل) واستقلالها وسلامتها بما يتعارض مع القانون الدولي والحقوق الشرعية لشعب فلسطين.
5) لأنه يعالج المشكلة على أنها مشكلة لاجئين في حين أنها مشكلة شعب استعمر ويسعى لتحرير نفسه.
6) لأنه يعني تصفية الثورة الفلسطينية.
7) لأنه يتضمن احتمال تعرض العالم العربي إلى سيطرة الصهيونية والامبريالية.
8) لأنه يهدد إمكانية تحقيق الوحدة العربية.
وقد ناشد المؤتمر القوى العربية التي وافقت على القرار 242 وعلى مشروع روجرز أن تعي هذه المخاطر. ودعا المؤتمرون جميع الشعوب إلى شعب مشروع روجرز ومساندة الثورة الفلسطينية. وقد تعهدوا بأن يناضلوا في بلدانهم لتحقيق أهداف الثورة الفلسطينية وغاياتها.
وأعلنت الندوة أيضاً تأييدها المطلق للشعوب المناضلة من أجل استقلالها وحريتها ضد الاستعمار والامبريالية والفاشية والتمييز والعنصرية.
وفي اليوم التالي لانتهاء الندوة قام المشاركون فيها بزيارات للمخيمات الفلسطينية حيث التفوا قوات الميليشيا التابعة للثورة الفلسطينية.
المراجع:
- جريدة المحرر: الملحق “فلسطين”، بيروت 22/4/1965.
- جريدة الدفاع الأردنية: الأعداد من 4-7/9/1970
- جريدة فتح: الأعداد من 1-10/9/1970.